توصلت دراسة علمية عالية التقدم في مجال الطب الحديث، الى أنه أصبح من السهل فهم وظيفة فسيولوجيا دماغ الكائن البشري في عملية نقل وإصلاح قابلية النسيج الدماغي في البقاء حيا دون حدوث نفجارات حال نقل ذلك النسيج من الدماغ أو من منطقة الدماغ بالكامل
ووفقا لهذه الدراسة فأنه سيوجد هنالك مزيد من المرضى ممن سيخضعون لأنظمة طبية تساعدهم في بعض الأمراض التي يعانون منها مثل إرتفاع حرارة الجسم المستمرة، ضغط الدم بنوعيه، الخفقان، سوء التغذية والحاجة الى الأرواء الفموي في حالات معينة.
ماذا يعني موت الدماغ؟
أولا، علينا أن نوضح بأن كل إنسان يموت جراء "موت الدماغ" سواء كان رجلا كبيرا يعاني من توقف القلب المتأتي عن قلة وصول الأوكسجين ومواد التغذية الى الدماغ، أو كان شابا في مقتبل العمر أصيب بطلق نار في الرأس إذ ينتج عن كلتا الحالتين نفس التشخيص متمثلا بـ "موت الدماغ". فالدماغ يتحكم بكل وظائف الجسم، ولكن هنالك ثلاث مهام لايمكنه القيام بها وهي: لايمكن للدماغ أن يشعر بالألم ، وإنما يمكن أن يشعر بالألم خلال شعور الجسم بالألم بأكمله، وليس من ذاته.
لايمكن للدماغ أن يوفر أو يخزن أو يحتفظ بالأوكسجين. ويمكن للمرء أن يشعر بنقص الأوكسجين خلال ثوان قليلة عندما يقف فجأة ويصاب بالدوار، إذ يعد هذا مثالا عن قلة الدم المتدفق الى الدماغ ويمكن لأي فرد أن يحس به.
لايمكن للدماغ أن يوفر أو يخزن أو يحتفظ بالكلوكوز (سكرالدم). وأن مرضى البول السكري الذين يتعاطون حقن الأنسولين بشكل كبير يتسببون لأنفسهم بحالات إغماء سريعة وإذا لم يصل الكلوكوز الى الدماغ سريعا يتوفى الشخص.
إصابة الدماغ
حينما يصاب الدماغ سواء لأسباب طبيعية أو نتيجة جرح خارجي فسوف يتعرض الى ثلاث نتائج ممكنة وهي النزف والانتفاخ أو كلاهما معا، مسببين تلف الدماغ الذي قد ينتج عنه "موت الدماغ" وهذا بدوره يتضمن:
الجرح المفتوح الشكل كأن يبقى الدماغ مفتوحا في حالات التعرض لطلق ناري وغيره من الأحداث الخطيرة.
الجرح المغلق الشكل ولكنه متلبد نتيجة التعرض للسقوط من مكان شاهق أوالضرب بآلة حادة.
الأنوكسيا ( فترة عدم وجود الأوكسجين الناتج عن الغرق أو الشنق أو إستنشاق الدخان والمخدرات أو التسمم بكاربون الأوكسيد الأحادي ألخ).
حوادث إصابة الأوعية الدموية في المخ وتشمل:
السكتة القلبية التي تسب إنسداد في شرايين الدم التي تغذي الدماغ
الميكروبات المعدية
البكتريا والجراثيم
الفيروسات
الأورام الخبيثة مثل النمو الانبثاثي الثانوي لورم خبيث ينتشر بطريقة الانبثاث من جزء الى آخر في الجسم . والنموغيرالأنبثاثي للسرطان يمكن أن يكون كذلك سببا لوفاة الدماغ
الجرعات الزائدة للأدوية والمخدرات.
إنخفاض معدل السكر في الدم.
كيفية فحص موت الدماغ
يعتمد فحص موت الدماغ على مدى استجابة الدماغ للحوافز الخارجية، لأن الدماغ عضو يحس بالأذى الخارجي، وعندما يموت الدماغ لايشعر المريض بشيء. وقبل أن يتم الفحص يجري الأطباء اختبارا في مجال علم السموم للتأكد من عدم حدوث تنافرعضلي في نظام الدماغ، كما يدققون في درجة حرارة جسم المريض. ويشمل الفحص الايجابي لموت الدماغ مايلي:
عدم استجابة المريض سمعيا أو بصريا.
يبدو المريض مترهلا، وأطرافه مرتخية ولاتصدر عنه أية حركة، ترتفع ساقاه ويداه عاليا وتسقط بسهولة.
عدم استجابة بؤبؤ العين، إذ تبقى عينا المريض مفتوحتين ويصدر من البؤبؤ ضوء لامع جدا. حيث يقوم الضوء بتنشيط العصب البصري ويرسل إشارة الى الدماغ. فان كان الدماغ طبيعيا فانه سيقوم بارسال إيعاز خلف العين لتقليص البؤبؤ. أما في حالة كون الدماغ غير طبيعي فلا يصدر الدماغ إيعازا لكلتا العينين، عينا المريض تبقيان مفتوحتين ويميل الرأس من جانب الى آخر، ويسمح الدماغ النشط على تحول حركة العين، أما الدماغ غير النشط فلا يسمح بذلك وتبقى العينان ثابتتين لاتتحركان.
قرنية عين المريض لاتستجيب للارتكاسات اللاإرادية، إذا تم مسح قرنية العين بالقطن فان الدماغ السليم يتطلب وصول الضوء الى عين واحدة، أما الدماغ الميت فلا يسعى لذلك في كلتا العينين.
عدم إستجابة المريض للايعاز في محجرالعين، حيث يقطب المريض حاجبيه ويضغط بنفس الوقت على إبهامه حتى لايمكن فصل اليد وتصبح مغلقة في حالة كون الدماغ سليما، والعكس يحصل في حالة كون الدماغ مريضا.
عدم إستجابة القناة السمعية للأفعال الارتكاسية، حيث يتم فحص قناة السمع للتأكد من غشاء الأذن الوسطى وخلو الأذن من المادة الشمعية، بينما تبقى عيون المريض مفتوحة، ويجب سكب الماء المثلج في قناة الأذن. وعند القيام بذلك فأن التغيير الشديد في درجة حرارة الأذن سيتسبب بأحداث لمعان في العين وإرتعاش في الدماغ السليم بينما لاتحصل أية إستجابة في الدماغ الميت وفي كلتا العينين.
عدم إستجابة المريض لحالات التقيؤ، فحينما يتم إدخال أوإخراج إنبوب في مجرى التنفس يحدث التقيؤ في حالة كون الدماغ سليما، بينما لايستجيب الدماغ المريض لادخال الأنبوب.
عدم إستجابة المريض للتنفس التلقائي، حيث يبتعد المريض تلقائيا من العوامل المساعدة للحياة (مثل الهواء وطرق التهوية) مع توقف التنفس، إذ يبدأ الجسم على الفور بتبديد ثاني أوكسيد الكربون في الدم، وعندما يصل ثاني أوكسيد الكربون الى معدل 55 ملغم فان الدماغ النشيط يمكن المريض من التجاوب مع التنفس التلقائي، بينما لايقوم الدماغ المريض بأية إستجابة للتنفس التلقائي.
التحقق من موت الدماغ
يجري العديد من الأطباء فحوصات ثبوتية إضافية قبل أن يقرروا موت الدماغ كليا، وهنالك فحصان عموميان يتأكد خلالهما الأطباء من صحة تشخيص موت الدماغ وهما:
1. تخطيط الدماغ إلكترونيا والمعروف إختصارا بـ EEG .
2. دراسة تدفق الدم الى المخ والمعروفة إختصارا بـ CBF. في النقطة الأولى يتم فيها قياس فولتية أحجام الدماغ بالميكروفولت، وهو جهاز دقيق وحساس للغاية بحيث أن مقدار التحسس الكهربي في ملابس الشخص يعطي خربشة وهي (الأشارات الصاعدة والنازلة والمستقيمة التي تظهر في ورقة المخطط) في جهاز التخطيط EEG وتكون بمثابة (موجب كاذب) حيث تستجيب جميع الاشارات الموجبة لوظيفة الدماغ. وفي هذه الحالة يظهر دماغ المريض السليم حتى في أعمق حالات الغيبوبة بعض النشاط الكهربي الألكتروني في جهاز EEG بينما لايظهر ذلك عند دماغ المريض غير السليم.
أما النقطة الثانية المتمثلة بدراسة تدفق الدم الى المخ، يستخدم فيها حقنة لتخفيف نظير النشاط الاشعاعي الى مجرى الدم، بوضع عداد النشاط الأشعاعي فوق الرأس إذ يمكن أن تقاس كمية الدم المتدفق الى الدماغ ويأخذ وقتا لذلك بين 20-30 دقيقة لإتمام العملية، فاذا لم يحصل أي تدفق للدم في منطقة الدماغ فهذا يعني موت الدماغ. أما التدفق السالب للدم الى المخ فانه يعني بما لايقبل الجدل موت الدماغ.
التبرع بأحد أعضاء الجسم
هنالك مجموعة قليلة من الناس يرغبون بالتبرع بأحد أعضاء الجسم بعد موتهم، كأن يرغبوا بالشعور بديمومتهم حتى بعد موتهم أو يسعون لتقديم خدمة للبشرية بانقاذ بعض المرضى خلال ما ينوون العمل به. ورغم أن عدد هؤلاء يعد نادرا، لكن البعض يرى فائدة في عمله لاتقتصر على خدمة مريض آخر بقدر ما يقدمه عملهم من خدمة العلم والطب الى أقصى الحدود.
ولابد للمرء الذي ينوي التبرع بأحد أعضائه من فهم فائدة مايقوم به وجدواه، مثلما يقتضي الأمر إخبار العائلة بما ينوي فعله وتثبيت ذلك خطيا ليتسنى القيام بما يريد وفقا لرغبته.
ومعلوم أن فكرة تبرع الشخص بأحد أعضائه تنطلق من دافع إنساني وعلمي محب للخير، فاذا ماتم ذلك رغبة من الشخص ذاته فلابد من إحترام رغبته والعمل بها.
هنالك حالة واحدة في كل 200 حالة تحصل فيها موت الدماغ وفقا لدراسة قامت بها مؤسسة علمية طبية يطلق عليها CDC في العام 1986، جاء فيها ان حالات موت الدماغ تعد حالة نادرة. وهنالك مرضى أبدوا إستعدادهم للتبرع بأحد الأعضاء ولكن نصفهم أستبعدوا بسبب معاناتهم لأمراض خطيرة أخرى مثل مرض السرطان والأمراض المعدية وغيرها. أما النصف الآخر من المتبرعين ممن لم يعانوا من أمراض خطيرة فكان نصف عوائل هؤلاء المتبرعين يرفضون تبرع ذويهم أو أبنائهم لأسباب عديدة ، وقد وافقت بعض العوائل على تبرع عضو واحد فقط . وهنا يتبين مقدار ضآلة عدد المتبرعين سواء بعضو واحد أو أكثر تبعا لظروف مرضية تعود للمتبرع نفسه، أو كما أسلفنا تتعلق برفض العائلة لفكرة التبرع
